وسنركّز في هذا الكتاب على كيفيّة تشكّل المقالات العقديّة المغربيّة من وجهة نظر مقارنيّة للفكر المالكي والإباضي والإسماعيلي والظّاهري والموحّدي، منطلقين من فرضيّة مركزيّة قوامها أنّ تشكّل هذه المقالات العقديّة هو الّذي هيّأ لسيادة الفكر الإسلامي في بلاد المغرب، وأرسخه في عقول المغاربة وقلوبهم. وسيسمح لنا هذا التّصوّر بالتّعرّف على آفاق تطوّر تصوّر الإنسان لله ومن ثمّ للدّين ثمّ للوجود والمصير ممّا سيمكننا من اِستجلاء أثر العمران في تطوّر الفكر الإسلاميّ في هذه البيئة، ومن استجلاء كيفيّة تكيّف الفكر الإسلامي بالأسس الّتي اِنطلاقا منها يفكّر المسلم وينتج ويعيش ليحقّق سعادة الدّارين. وقد كان لهذه الأسس بنى ماديّة ظاهرة وأخرى روحيّة خفيّة ولكن كان لها أيضا بنى ثقافيّة وأنثروبولوجيّة وإثنيّة تعمل داخلها عمل الألياف البصريّة الواصلة بين العين والدّماغ وتعمل جميعها على خلق سيادة الفكر الإسلاميّ في بلاد المغرب.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات