تتمتع تونس بموقع استراتيجي، كان له بالغ الأثر على طبائع الأمم التي استقرت في هذه الأرض. وقد تميز المجتمع التونسي بانفتاحه وقدرته على التأقلم مع المتغيرات وفي نفس الوقت التمسك بأصالة جعلته ينخل ما يطرأ عليه ويختار منه ما يناسبه. وقد استقر الإسلام في تونس بفضل تشبث الناس به حتى أصبحت تونس منارة رئيسية من مناراته في العالم. وأصبح الشعب يرى في بعدي الإسلام والعروبة ذاته التي ينافح عنها ويمنع الاعتداء عليها.
وقد تعرض الشعب التونسي في ظل «الدولة القطرية» إلى محاولة إعادة صهر أدت إلى إضعاف بناه التقليدية وتفكيك أسس تعاقده المجتمعي، فمنذ استقلال البلاد عن الاستعمار الفرنسي عام 1956 آلت شؤون الحكم إلى نخبة تحديثية تمثلت أولى إنجازاتها في إقامة نظام سياسي شمولي بامتياز يتعارض مع أبسط قواعد النظم السياسية الحديثة. فقد جمع نظام الرئيس بورقيبة، الذي حكم تونس من 1957 إلى 1987، بين يديه مختلف أنواع السلط وارتقى بموقع الرئاسة فوق المعارضة والمساءلة والمحاسبة، إلى أن أُعلن سنة 1974 أن بورقيبة رئيس لتونس مدى الحياة…
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات