لقد كان لسان الدين بن الخطيب (713 - 776هـ/ 1313 - 1374م) من أبرز الشخصيات الأندلسية التي عاشت في القرن الثامن للهجرة / الرابع عشر ميلادي، في ظلّ الدولة النصرية أو دولة بني الأحمر آخر ملوك غرناطة، فلقد كان وزيرهم و«جهينة أخبارهم»، ولُقّب «بذي الوزارتين»، السيف والقلم، لتدبّره أمور الدولة كوزير وصاحب قلم رفيع في الكتابة التاريخية والسياسية، كما عاش ابن الخطيب عديد التقلبات السياسية من سلطة ونفوذ ونفي وخلع من كلّ المهام، كما عاش بين الأندلس والمغرب أين لقي حتفه، حتى موته كان على مرّتين حين خنق وحين أخرج شَلْوُه وأُحرق ليعاد دفنه ثانية. كلّ ذلك كان سببا وراء اختيار الخوض في المجالين الفكري والسياسي لابن الخطيب، فكما كانت حياته مليئة بالتقلبات والأحداث المختلفة، كانت كتاباته أيضا مليئة بالأفكار المتقلّبة أحيانا حسب موقعه السياسي وقُرب ذلك الشخص أو تغيّره نحوه، كما كانت متنوعة بين أدب وتاريخ وجغرافيا وسياسة وتصوّف، فكان موسوعة ضخمة لتاريخ الأندلس والمغرب وعارفا جيّدا بكل تحركاتهما وهواجسهما الفكرية والسياسية. فكيف كانت حياة ابن الخطيب؟ وكيف كتب وعمن كتب وماذا كتب؟ وكيف استغلّ معرفته الواسعة في خوض غمار السياسة المتشابكة في تلك الفترة وتلك المنطقة المعروفة منذ فتحها بتقلّباتها وحياتها الصعبة، وأيّهما طغى على الآخر: هل ابن الخطيب المفكّر أم ابن الخطيب السياسي؟