لم يشتهر في الآفاق من مؤلّفات الشيخ محمّد بيرم الخامس إلاّ «صفوة الاعتبار
بمستودع الأمصار والأقطار ». فلم يُدرس من مصنّفاته إلاّ هذا الكتاب وبعض رسائله،
ولم يُعرف غير فكره الإصلاحي السياسي الاجتماعي. والواقع أنّ الرجل فقيه ومثقّف
ومفكّر، تَمَثّلَ جميع تيّارات عصره وقلّب ثقافته الإسلاميّة وعاين في سفراته ومهمّاته
أحوال الغرب وخبر في أوطان ملّته شؤون الناس ومسائلهم، فصاغ آراءه الشرعيّة
والسياسيّة على قدر الحاجة، ولم يكن رجل سياسة فحسب أو رجل دين لا غير، وإنما
كان مفكّرا أصلا.
وفي هذا الكتاب بابان وذيل. أمّا الباب الأوّل : «مصنّفات محمد بيرم الخامس »
ففيه كلّ ما أمكن جمعه ممّا ذكره ابنه في الترجمة التي ذيّل بها الجزء الخامس من
كتاب «صفوة الاعتبار »، وفيه أيضا مقال يلخّص محتوى جريدة «الإعلام » وكذلك
جريدة «الرائد التونسي » التي اضطلع بيرم بإدارتها وأمضى بعض مقالاتها. وأمّا
الباب الثاني : «المراجع »، فهو يتضمّن الكتب والمقالات والرسائل التي صنّفت في
محمّد بيرم الخامس أو أفردت له شيئا من فصولها. وأمّا الذيل فهو يعيد نشر رسائل
لبيرم الخامس عزّ الظفر بها اليوم وهي : «ملاحظات سياسيّة » و «تحفة الخواص
في حلّ صيد بندق الرصاص » ورسالة «التحقيق في مسألة الرقيق .»
إنّ هذا العمل يحثّ على إعادة النظر في فكر بيرم الخامس وقراءته قراءة جديدة
تحيط بما كتب وتضع له منزلة مهمّة بين مفكّري عصره، لأنّ الغبن ظلّ مسلّطا
عليه ردها من الزمن.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات