هذه أوّل مرّة يُترجَم فيها ديوان أبي القاسم الشابي إلى اللغة الإنقليزية، والحقّ أنّه
صوت فذ منفرد تتناغم في قراره أصوات تحكي حياة الشعر العربيّ قديمه وحديثه،
وتصوّر طموح جيل الشابي وأجيال قبله إلى «الشاعريّة الحقّ .»
ورغم كثرة الدراسات حول هذا الديوان وتباين الآراء والمعايير، لابدّ من الإقرار
بأنّ الشابي شاعر كبير. لقد قيل إنّ لهجته في كثير من قصائده مباشرة، وإنّ بنية
بعضها بنية خطابيّة. وقيل إنّ صوره البلاغيّة يغلب عليها التشبيه في أقرب صوره
وأوضحها، وإنّ معجمه الشعريّ محدود، وأغلب معانيه جارية في أشعار غيره. هذه
أمور يعرفها الذين درسوا شعره وعرفها النابهون من نقّاد جيله وعلى رأسهم صديقه
محمّد الحليوي.
ومع ذلك، لا نجد من النقّاد من لا يُقرّ بأنّه شاعر غير عاديّ، وأنّ شاعريّته فوق
الوصف وأبعد ممّا قد تصل إليه مناهج تحليل النصوص المكتفية بالبنى الماثلة فيها.
إنّ قيمة «أغاني الحياة » في كونها تردّدا أبديّا بين الواقع والحلم، بين التاريخيّ
والمطلق، والمحايث والمفارق، بين دواعي المواطنة في لحظة تعسّر مؤلمة ومرهقات
الآدميّة، من هذا الإيقاع العجيب استمدّت فيض الشعر فيها وبها استطاع صاحبها أن
يسطع كالشمس فيحجب ما دونه، كما قال الأستاذ حمّادي صمّود.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات