لا تكاد تمرّ مناسبة يجتمع فيها المسرحيّون العرب دون أن تثار فيها مسألة تأصيل
المسرح العربيّ أو إيجاد فنّ مسرحيّ عربيّ يغرس جذوره في الأرض العربية وفي
أعماق التاريخ الحضاري للأمة العربية، والكفّ عن اعتماد النموذج الغربيّ، بغية إنشاء
التحام حقيقي مع الجماهير العربيّة. وفي إثارة هذه المسألة اعتراف ضمنيّ بأنّ
المسرح فنّ غربي المنشأ وفد على العرب وعلى ثقافتهم في العصور الحديثة.
ارتكز هذا البحث على نصوص الخطاب المعبّر عن الدعوة إلى تأصيل هذا الفنّ
دون سواه، ولم يتطرّق إلى مسألة الممارسة التأصيليّة الإبداعيّة على أرض الواقع
المسرحي. أمّا الفترة الزمنيّة المدروسة فهي تمتدّ على العقدين الأخيرين من بداية
الستّينات إلى بداية الثمانينات.
ومن المسرحيّين والنقّاد الذين كتبوا في هذا الغرض استشهد المؤلّف بنصوص
لتوفيق الحكيم ويوسف إدريس والشريف خزندار وسعد الله ونّوس وعزّ الدين المدني
ومحمّد عزيزة وغيرهم.
ولقد تجلّى الجدل بين الداعين إلى تأصيل المسرح العربي في تحديد مواصفات
الهويّة العربية. وهو جدل شقّته النزاعات الفكريّة الإديولوجيّة بين الانتماء القومي
والانتماء الإسلامي والخلافات حول مكانة الانتماء الاجتماعي والطبقي من ذينك
الانتمائين معا. ولئن كادت تغيب عن هذا الجدل مسألة لغة الحوار، فقد قامت بدلا
عنها في أغلب النصوص مسألة اللغة المسرحيّة وأهميّة عدم اقتصارها على الكلمة،
كما بدا الفرجويّ شاغلا من الشواغل الحاضرة في تلك النصوص.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات