أصدر محمّد البشروش في أفريل 1938 العدد الأوّل من مجلّة «المباحث » لكنّه
توفي سنة 1944 ، فاستمرّت المجلّة وانتقلت إدارتها إلى الأستاذ محمود المسعدي،
فأصبحت مجلّة الجيل الجديد الّذي جمع إلى الثقافة العربيّة المتينة ثقافة أجنبيّة
ناضجة أخذها من أصولها، لكنّه لم ينبهر بها، بل ظلّ معتزّا بتراثه ولغته. ويتّضح
هذا التأثّر بالغرب فيما نشرته «المباحث » من مترجمات – ويحتوي هذا الكتاب على
مختارات ضافية منها – مثل ترجمة الأستاذ عبد الوهّاب بكير لرواية «بروميثي
في الأصفاد » للروائيّ اليوناني الشهير «إسخيلوس » وكذلك تعريبه لكامل رواية
«مدرسة الأمّهات » للكاتب المسرحيّ الفرنسي «ماريفو ». ومن أبدع هذه المختارات
ترجمة الهادي العبيدي وجلال الدّين النقّاش لموقف رائع من رواية «أندروماك »
للشاعر الفرنسي «راسين » )وقد نظماه شعرا( كما ترجم الهادي العبيدي شعرا
«ليلة ماي » للشاعر الرومانسي «ألفريد دي موسي ». وتسترعي الانتباه أيضا ترجمة
الصّادق مازيغ الشعريّة لقصائد شهيرة ل «بودلير » )خشوع، الرحيل(.
ولقد أضيفت إلى هذه المختارات ترجمات تنشر لأوّل مرّة للأستاذ محمّد سويسي
وأخرى للأستاذ محمّد اليعلاوي تبرز قدرة أجيال من الكتّاب التونسيّين على السير
في نهج مجلّة «المباحث » وإيمانهم بالنّهضة والتطوير وإخصابهم للثقافة العربيّة
في تونس بمفاهيم وأساليب جديدة مُستلْهمة من ثقافة الغرب ومناهجه في البحث.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات