ولد علي الدوعاجي بحاضرة تونس سنة 1909 . وتوفّي أبوه وهو في الخامسة
من عمره، فظلّ في رعاية وعطف أمّه التي حرصت على تعليمه العربيّة والفرنسيّة،
لكنّه انقطع عن الدراسة وهو في المرحلة الابتدائية وعمل عند أحد كبار التجّار.
وسرعان ما انقطع عن التجارة أيضا، وصار يتردّد على مقهى «تحت السور » بباب
سويقة، ويخالط جماعة من الشعراء والفنّانين أمثال محمد العريبي وعبد الرزاق
كرباكة ومصطفى خريّف وصالح الخميسي والهادي العبيدي وغيرهم، ويشاركهم
في «البوهيميّة » والأدب والفنّ والكآبة.
ولقد تكوّنت في نفسيّة علي الدوعاجي عقدة التسكّع كشأن رفاقه الهامشيّين، فصوّر
لوحات واقعيّة عن حياته معهم في صحيفة «الأسبوع ». وظلّ مورد رزقه الوحيد، بعد
موت والدته، ما كان يتقاضاه من مال الأوقاف على حساب ميراث خلّفه له «الأجداد ،»
وتوفيّ في سنّ الأربعين.
من أهمّ مؤلفاته هذه المجموعة القصصيّة «سهرت منه الليالي » التي ترجمت لأوّل
مرّة إلى اللغة الإنقليزية بمبادرة من «بيت الحكمة ». وهي تضمّ 15 قصّة قصيرة
من أشهرها : في شاطئ حمّام الأنف، كنز الفقراء، الركن النيّر، نزهة رائقة، الخ...
وفي كلّ هذه القصص صورة حيّة عن الوسط التونسي كما لو التقطته عدسة
الكاميرا في فترة ما بين الحربين. ولا يعمد الدوعاجي إلى الأسلوب الشائع في عصره
المثقل بالوعظ بل إلى أسلوب فكاهيّ مرح فيه عمق نظر وفيه إبداع فنيّ، يثير الفكر
والشعور معا. فهو أبو القصّة القصيرة، بلا منازع، في تونس.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات