كانت في البداية فكرةٌ اختمرت بذهن مؤرّخ تونس الكبير العلاّمة حسن حسني
عبد الوهاب، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، عندما لاحظ الدور الخطير الذي
اضطلعت به الأساطيل الحربيّة في غزو البلدان عبر البحار وفرض الاستعمار عليها
فرضا. واعتبر حسن حسني عبد الوهّاب أنّ موضوع الأساطيل موضوع مهمّ فأوعز إلى
صديقه الشيخ محمد الشاذلي النيفر بالكتابة فيه، بعد أن دلّه على كتب كثيرة، منها
كتاب «تاريخ الأسطول العربي » لمحمّد ياسين الحموي، وعلى مراجع أخرى تعرّف
عليها بحكم اِطّلاعه الواسع على المؤلفات التاريخيّة والمخطوطات النادرة.
واعتبر المؤلف أنّ مجال الكلام في هذا الموضوع مجال فسيح، فعاد إلى المعاجم
ليدقّق مفهوم لفظة الأسطول، وإلى كتب الأدب – وخاصة دواوين البحتري والإيادي
وابن هانئ – ثم تناول بالدرس الأساطيل في التاريخ الإسلامي بدءا بعصر الخلفاء
الرّاشدين، ومرورا بالدولة الفاطمية والصنهاجية والموحّدية، وانتهاء إلى الأسطول
الحفصي، في مختلف عهوده. ثم تطرّق إلى دور الصناعة التي أنشئت في إفريقية
والمغرب، وإلى قيادة الأساطيل، مستعرضا مشاهير أمراء الحرب في مختلف الدول
الإسلاميّة وواصفا السفن وأنواعها وأدواتها وأجزاءها. نشر هذا البحث أوّلا في مجلة
«الثريّا » في الأربعينات. ويعود الفضل إلى الأستاذ الطاهر النيفر، ابن المؤلف، في
جمع هذا الكتاب وتحقيقه وفهرسته.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات