جمع المؤلّف هذه المنتخبات من كتب التراجم والطبقات ومن المصنّفات الأدبية
القديمة والحديثة، ومن دواوين الشعراء، فجاءت تضمّ قرابة أربعين مقطوعة أو
قصيدة مرتّبة وفق التدرّج التاريخيّ من الأقدم إلى الأحدث. والملاحظ أن هذه
الأشعار لا تمثّل كل ما قيل في القيروان، لأن ما قيل فيها كثير لا يحصى. أمّا
الشعراء – وعددهم اثنان وعشرون وليسوا كلّهم قيروانيّين – فقد دأبوا على حبّ
«عاصمة الأغالبة » والتغنّي بأمجادها، لكنّهم لم يغفلوا عن نكباتها ومآسيها، ورأوا
فيها رمزا لصمودها. كانت نكبتها على أيدي بني هلال وبني سليم مفجّرة لإبداعات
شعريّة أسّست لغرض بارز هو رثاء البلدان والحنين إلى الأوطان الذي وجد فيه
شعراء الأندلس معينهم الثرّ لما حلّت بهم النكبة. ولم تنج القيروان بعد ذلك من
النكبات، فنالها ما نالها في الفتنة بين الحسينيّة والباشيّة، ورثاها شاعرها عبد اللطيف
الطوير، بعد أن خرّبها جنود علي باشا، بمثل ما رثاها به الحصري وابن رشيق وابن
شرف بعد هجوم بني هلال وسقوط الدولة الصنهاجية.
وها هم شعراء العصر الحديث يستلهمون الماضي ويهيبون بها أن تنهض في نبرة
حزينة حينا، ثائرة حينا آخر، من محمد بوشربيّة وصالح السويسي إلى محمد الحليوي
والشاذلي عطاء الله ومحمّد الفائز ومحمّد مزهود. هكذا تستمرّ السنّة الأدبيّة…
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات