يخصّص المجمع التونسي بيت الحكمة حيّزا متميّزا للإبداع الأدبيّ والفنيّ. وها هو
ينشر هذه «السيرة المسرحيّة » للأديب عزّ الدين المدني الذي ساهم تنظيرا وتطبيقا
في تجديد القصّة العربية الحديثة وفي تجذير الكتابة المسرحيّة في التراث العربي
تجذيرا ديناميكيّا حيّا. ومن أشهر مسرحيّاته في هذا المضمار: «ديوان الزنج »
و «رحلة الحلاج » و «الغفران » و «مولاي السلطان الحسن الحفصي ...»
وفي المشهد الختامي لهذه السّيرة المسرحيّة، وقف على التاجر ابن شعلان راهب
عجوز وسأله وهو يتنفّس بتعب : هل عندك كتب ابن رشد؟ فأجابه : لا أبيع الكتب.
قال : من أي بلد أنت؟ من قرطبة؟ قال نعم. فهجم عليه بأسئلة : ما هي آخر أخبار
ابن رشد؟ بلغنا أنّه في السجن، هل صحيح؟ هل أحرق أميركم المنصور جميع كتبه؟
متى شرع في شرح كتاب الأخلاق لأرسطو؟ لو كانت عندك كتبه لاشتريتها بأغلى
الأثمان، بالذهب... فسأله التاجر: أحبّ أن أعرف ما هي دواعي هذا الإلحاح الشديد
في طلب كتب ابن رشد. فأجابه الراهب العجوز: «أو لا تعلم أنّ في كتب ابن رشد
نورا لا تبصره إلاّ العقول، أنّ في كتبه تفهّما وتسامحا وقبولا لبني الإنسان، لا ينكر
ذلك إلاّ المتعصّب الأعمى، أنّ فيها أملا عزيزا لبناء إنسان جديد، لا يكتب له الظهور
إلاّ بعد عشرات السنين. ها أنّي في قرطبة، وفي سوق الكتب، أبحث عن كتب ابن رشد،
فلم أجد لها أثرا ولم أجد لكاتبها سمعة ولا ذكرا إلاّ بين القبور. وكأنّ هذه الكتب
وهميّة وكأن ابن رشد شخصيّة خرافيّة .»
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات