لعلّ السّكوت عن قصائد الشابّي النثريّة، أو إدراجها مع غيرها من أجناس الكتابات
الأخرى لديه، أو اعتبارها مجرّد بدايات لا تستحقّ النشر والدّرس، لعلّ ذلك كلّه،
يعود إلى عدم وضوح مقاييس قصيد النثر وإلى التباس معالمه المميّزة، رغم أنّ هذا
النّوع الجديد من الشّعر ظهر منذ أكثر من قرن في مدوّنة الأدب العربيّ المعاصر.
ويعتبر أبو القاسم الشابي من الأوائل الذين كتبوا فيه بتونس- إن لم يكن أسبقهم-
لأنّ أوّل قصيدة من قصائده النثريّة «بقايا الشفق » كتبت بتاريخ 9 أوت 1925 .
ثمّ تلتها القصائد الآتية : أيّتها النفس، الأحزان الثّلاثة، أمام كهف الوادي، الدّمعة
الهاوية، اللّيل، كفّ يا قلبي، الخريف، أغنية الألم، النّفس التائهة، الشاعر، صفحات
دامية من حياة شاعر، أيّها القلب، الذّكريات الباكية، الذّكرى.
وبمناسبة الاحتفال بمائوية الشّابي، أصدر المجمع التّونسي «بيت الحكمة » هذا
الكتاب الذي يضمّ جميع تلك القصائد، مرتّبة قدر الإمكان، بتعاليق الشّاعر سوف
عبيد، وفي شكل خاصّ ومستقلّ، فأتى منهلا عذبا نابضا بالوجدان وصدق المعاناة.
لقد مثّلت هذه القصائد النثريّة في العشرينات والثلاثينات من القرن الماضي إثراء
لا شكّ فيه. وسرعان ما نسج على منوالها شعراء آخرون في تونس. ثم تواصل
التّجديد في هذا المجال، جيلا بعد جيل، ودون قطيعة بين المشرق والمغرب إلى
يومنا الحاضر
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات