يعتبر مصنَّف أبي العبّاس أحمد بن محمّد الجرجانيِّ موسوعة للكنايات العربيّة في مختلف المجالات، فضلا عن الكنايات العامّيّة البغداديّة الّتي لا يزال بعضها متداولا إلى اليوم. وقد خصّص المؤلّف نصف أبواب الكتاب للكنايات المتّصلة بالمسألة الجنسيّة، السّويّ منها والمنحرف على حدّ السّواء، مركّزا بهذا الصّدد على تهتّك القضاة والخلفاء، كما هو الشّأن مثلا مع قاضي القضاة يحيى بن أكثم، ومن عاصره من خلفاء بني العبّاس.
أمّا بقيّة الأبواب، فقد رصدها المصنّف لتناول أحوال الإنسان من صحّة ومرض وشباب وشيخوخة وموت، وما يتّصل بها من ذكر الشّيب والعجز، وعرض لأسباب الحياة من مأكل ومشرب وملبس وعمل، ما ارتفع منه وما خسّ بمعايير ذلك الزّمان. تضاف إلى ذلك العاهـات الخُلُقيّة كالكذب والحسد والغيـرة والحقد والنّميمة والبخل والصّفاقة، وما شابه.
إنّ كتاب «كنايات الأدباء وإشارات البلغاء» لا يقلّ قيمة عن أغلب المجاميع الأدبيّة من قبيل «البصائر والذّخائر»، و«التّذكرة الحمدونيّة»، و«محاضرات الرّاغب»، وغيرها ممّا في معناها، ويمتاز عليها بتخصّصه الدّقيق.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات