اعتبر المشاركون في هذه النّدوة أنّ الكتابة الأدبيّة آصرة أخرى تجمع بين
الثّقافة على اختلافها وتباين سلالاتها. ذلك أنّ الكتابة الأدبيّة، وإن انبثقت من بيئة
مخصوصة تعبّر عنها، فإنّها سرعان ما تنفتح على الإنساني والعامّ والمشترك، لهذا
ظلّت الآداب، على امتداد التاريخ، تحتفي بقيم واحدة، وإن تغيّرت أساليب العرض
وطرائق الأداء. وكان الأدب دائما تخطّيا للفرديّ الخاصّ واستشرافا للجماعيّ العامّ.
والأديب باحث أبديّ عن الخيوط التي تنسج تجربة الإنسان الروحيّة، بغضّ النّظر عن
الفوارق العرقيّة والدينيّة والاجتماعيّة. لكأنّ ثمّة وَتَرًا واحدا تعزف عليه كلّ أصابع
الأدباء في العالم. لكأنّ فيه لغة واحدة بها يتكلّمون.
وتركّزت المداخلات على استخدام الأديب للوظيفة الانفعاليّة للّغة حيث تتغاضى
عن غاياتها التداوليّة المباشرة لتضرب بسهم فيما هو إنسانيّ عامّ. ههنا تلتقي كل
اللّغات لتفصح عن سريرة الإنسان وأعماقه السحيقة وحقيقته الخالدة، تلك التي تظلّ
واحدة، وإن تعدّدت الحضارات واختلفت الثّقافات. هكذا نظفر بخيوط رفيعة تنتظم
فيها كلّ الآثار الأدبيّة مهما تباعدت عصورها وتباينت ثقافاتها. فالأدب يتوسّل، في
كلّ الحضارات، بأدوات متشابهة ليبلغ غايات متماثلة.
والتأمت على هامش النّدوة مائدة مستديرة حول موضوع : «الأنا والآخر في
الأدب العربي المعاصر »، شارك فيها إلى جانب باحثين وأدباء تونسيّين ضيوف من
عدّة بلدان عربيّة شقيقة.
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات